أبناؤهم و أبناؤنا
رسالة الكترونية يتبادلها مستخدمو الإنترنت تظهر فيها صورتان لطفلين. الأول ذو ملامح أوروبية وقد بدت عليه مظاهر النعمة و الصحة؛ و الثانية لطفل من إحدى المجتمعات العربية وقد بدا بحال يرثى لها مع وجود قاذورات على وجهه! و تقول الرسالة: قارن بين أولادهم وأولادنا!! يحظى الطفل في المجتمعات الغربية باهتمام قلّ نظيره في العالم لإدراكهم أن هذا الطفل هو رجل الغد الذي يمكن أن يصبح مخترعا أو عالما كبيرا يضيف إلى رصيد بلده شخصية عالمية هامة. وهذا الاهتمام لا يكون من قبل المؤسسات الرسمية فقط؛ ولكن أيضا من قبل والديه اللذين لا يدخران جهدا ولا مالا في سبيل ذلك. فتراهما يراقبان نموه الجسماني و العقلاني و الاجتماعي و اللغوي ... الأمر الذي يجعلهما على دراية بأية أحوال غير طبيعية قد تطرأ عليه أو ربما تكون قد وُلدت معه كأنواع الإعاقات المختلفة مما يجعل التدخل السريع ممكنا لإنقاذ ذلك الطفل وإعادته إلى حياته الطبيعية. و على الرغم من أن المجتمعات الغربية مجتمعات حريات مدنية تكون أحيانا غير مقيدة؛ إلا أن دعارة الأطفال بكل أشكالها تعد جريمة عظمى يعاقب عليها القانون بشدة، و منذ فترة ألقي القبض في الولايات المتحدة الأمريكية على ستة آلاف شخص تم تعقبهم وهم يروجون لدعارة الأطفال عبر شبكة الإنترنت. لاحظ عندما يلهو أطفال الغرب بدراجاتهم – مثلا – فإنهم يرتدون ملابس خاصة مع الخوذة و واقيات الكوع و الركبة، وحتى الدراجة نفسها تتمتع بمواصفات السلامة من إضاءة وفرامل ونحوها. كما أن بعض الآباء يزودون أولادهم بأجهزة تعقب لدى خروجهم من منازلهم!! هذه الأمور نفتقدها في مجتمعاتنا العربية و كم نتمنى أن يكون الاهتمام بالطفل لدينا أكثر من مجرد قناة تبث الأناشيد ليل نهار، وأكثر من مهرجان لتلوين الوجوه، و أكثر من أمسية تقام بها مسابقة الكراسي الموسيقية!! نتمنى أن يكون الاهتمام نابعا أساسا من الأسرة التي عليها تقع المسئولية الكبرى في التربية و التأديب. وإذا دققنا النظر وجدنا أنه لا المدرسة و لا المسجد و لا المجتمع المحلي يمكن أن يلعب دورا مهما في تربية الطفل ما لم يكن للأسرة دورها الصحيح و الفاعل و الرشيد في ذلك. وبمناسبة الحديث عن المدرسة؛ فمن المؤسف حقا أن ينحي كثير من الآباء بالمسئولية – واللوم أحيانا – عليها إذا ما فشل أبناؤه؛ متناسين دورهم في تحمل العبء فالطفل الذي لم يعلّــم شيئا من الآداب في منزله؛ سيصبح من العسير على مؤسسة أخرى أن تربيه. ما سبب ذلك؟ السبب في رأيي تدني ثقافة التربية لدى كثير من الآباء؛ فهذه أمور لا تقاس بالشهادات الأكاديمية فحسب؛ بل إن التربية فنّ راق لا يتقنه كثير من الناس لأنهم لا يقرؤون فيه و لا يطّلعون على خبرات و تجارب المختصين في هذا الفن. و خلاصة القول؛ إن الطفل ثروة لا بد من الاهتمام بها و توجيهها الوجهة الصحيحة ليكون في المستقبل معول بناء للأمة. أخيرا، أعجبتني هذه الكلمات للشيخ الدكتور عائض القرني: "... و نحن في الشرق أكثر الأمم نموا سكانيا مع ضعف في التربية و التعليم، فقد تجد عند الواحد عشرين ابنا لكنه أهمل تأديبهم و تعليمهم فصار سهرهم في دبكة شعبية مع لعب البلوت وأكل الفصفص بلا إنتاج ولا عمل، بل صاروا حملا ثقيلا على الصرف الصحي والطرق و المطارات والمستشفيات، بينما الخواجة ينجب طفلين فيعتني بهما فيخرج أحدهما طبيبا عالميا والآخر يهبط بمركبته على المريخ" (سنابل و قنابل 2008 : 19).