عن العلمانية والعلمانيين
لا أزعم بأنني في هذا المقال سآتي بأكثر مما أتى به الشيخ محمد الغزالي في الخمسينيات في كتابه المشهور "من هنا نعلم"، أو مما جاء به الدكتور محمد مورو في كتابه "علمانيون وخونه"، أو العلامة محمود شاكر في سِفره "أباطيل وأسمار" ولكن هو مجرد ملاحظات حول الفكر العلماني.
لاحظت من خلال دراستي للفكر العلماني المكانة الكبيرة التي يوليها أصحابه للعقل وتحميله أكبر من طاقته و إمكانياته؛ حتى وصلت بهم الجرأة إلى نقد نصوص شرعية ذات دلالة قطعية! و تفسير آيات من القرآن الكريم على غير ما تحتمل التفاسير.
إن العقل البشري على تسليم أن إمكانياته يمكن أن تكون "خارقة" في بعض الأحيان؛ إلا أنه لا يستطيع أن يقف موقف الناقد أمام النص المنزّل و الذي ثبتت قطعية حكمه؛ كالآيات التي تتحدث عن الحجاب أو الربا أو غيرها.. وعليه فإن محاولة الالتفاف على النصوص القطعية مجرد عبث..
و إذا كانت هناك مراجعات بين النصوص و أقوال الرجال؛ فإن ذلك يكون مع النصوص ظنية الدلالة؛ حيث تختلف تفاسير العلماء لهذه النصوص حسب الفهم الخاص لكل منهم. و من هنا نشأ الاختلاف في التفسير وتأثر حتى باختلاف القراءات المتواترة للقرآن الكريم.
و مما يلاحظ على المفكرين العلمانيين الجمود؛ حيث أن الآراء التي طرحها أسلافهم هي التي لا تزال تُطرح و التي ما فتئت تدور حول حجاب المرأة و الاختلاط و صلاة الجماعة و مدارس التفسير. و لعل أكبر ذريعة يتمسك بها هؤلاء هي أن "الدين يُـسر"، و بقدْر فهمهم الخاطئ لهذه العبارة كانت تجديفاتهم في تفسير الأحكام محاولين إيجاد الذرائع لكل ممنوع.