ليت "المتنبي" كان من لاعبي "برشلونة"!!
"ليت القدر صنع مني بائع سكاكر"
عباس محمود العقاد.
وقف طالب الصف الثامن في حصة الجغرافيا ليسأله المعلم: أين تقع ولاية عبري؟ فأجاب بكل ثقة: في الرستاق!!
كنت حاضرا الحصة – كونها في غرفة مصادر التعلم – فحدثت نفسي: "ماذا لو كانت أسئلة المعلم تدور حول دوري كرة قدم؟ أو أحد اللاعبين؟ أو أحد حكام اللعبة؟ أكان سيجد الإجابات الشافية؟" حتما سيجد و من أغلب طلاب الفصل!
و منذ بضعة أيام كنت أدرّس وحدة تتحدث عن كبار العلماء و المفكرين الذين غيّروا مجرى التاريخ بفكرهم أو اختراعاتهم؛ وفي إحدى الحصص استخدمت صورا لاختراعات و أسماء تجارية مشهورة كان من ضمنها شعار شركة "أبل" للكمبيوتر و ما إن رآه طلاب الصف السابع حتى صاحوا من أرجاء الفصل: iphone ! و كانت تلك المرة الأولى التي أعرف فيها أن "أبل" تنتج هذا النوع من الهواتف النقالة!!
بعدها ببضعة أيام؛ كلفت بحصة "احتياط" في فصل لا أعرف طلابه، ففكرت أن أخرجهم من جو الصف إلى غرفة المصادر لأعرض عليهم فلما وثائقيا تاريخيا عن إحدى الحواضر الإسلامية القديمة. جلس الطلاب يشاهدون الفلم؛ فما أحسست من معظمهم سوى الملل و استطالة الوقت!
"الخواء الثقافي" الذي من سماته تدني الثقافة العامة وعدم الإقبال على الكتب و القراءة و تحصيل المعارف أصبح يلقي بظلاله على نسبة كبيرة من شباب المجتمعات العربية بغض النظر عن الأقطار أو القوميات. الثقافة "الكروية" سيطرت على فكر كثير من الشباب وأشغلتهم عن أمور أهم. نسبة كبيرة من مراهقي العرب قصروا استخدامهم للإنترنت على المواد الغير لائقة (كما أشارت بحوث قرأتها). كثير منهم أصبح همه: الهاتف الخلوي و السيارات و كرة القدم .... في ظل غياب مخز عن حلبات العلوم و المعرفة.
مطلوب أن يعود الشباب العربي إلى كتابه وإلى مطالعته وإلى تراثه، مطلوب أن يمسك بالقلم ليدون كل ما يتعلمه يوما بيوم ... مطلوب أن يتم توجيه هذه الطاقات الهائلة إلى وجهتها الصحيحة لتنتج و تبدع.
كلمة رائعة قرأتها في مقدمة كتاب "عمان و شرقي أفريقيا" الذي ترجمه الأستاذ أحمد حمود المعمري؛ كلمة عن ابنته التي سألت: "ماذا سيفعل أبي لو نفد الورق من العالم؟!" و أخيرا كم تمنيت لو كان المتنبي من لاعبي "برشلونة"!!