نتمنى أن تسمعوا بهم! و إلا ...!

يوصف الجيل الحالي بأنه "جيل إلكتروني" !! جيل يعيش في محيط متلاطم من المعرفة التي تجاوزت كل حدود، و اقتحمت كل بيت برضا أو سخط ممن لهم القوامة أو السيطرة ... وفي هذا الوضع؛ طفت على السطح ظاهرة "الانفتاح غير الرشيد"؛ و هي ظاهرة للأسف طالت نسبة كبيرة من الشباب الذين هم عماد الأمة ...فأصبحت نفوسهم خواء واتجهت أفكارهم إلى ما لا ينفع الأمة؛ يكفي أن تسأل شابا في الخامسة عشرة من عمره عن اهتماماته ليسرد لك ما لا أذن سمعت من أخبار الرياضة و أخبار اللاعب فلان و النادي الفلاني و الدوري الفلاني ... أو يخبرك بآخر أفلام "الأكشن" الهوليودية قبل أن تذاع على القنوات ... ومن أراد التأكد فليسأل؛ و ليس من رأى كمن سمع.






هذا "الانفتاح غير الرشيد" سيجر وراءه أخطاء و أخطارا ستظهر على المدى البعيد؛ و سيكون جيل نتمنى – من حسرتنا عليه - أن يكون جيلا من أنصاف المتعلمين الذين يعرفون فرائض الوضوء من سننه و يفقهون الاستدراك في الصلاة!!


و لأن النفس البشرية تتبع ملذاتها – إن لم تتحصن منها – فإن هذا الانفتاح سيكون أغلبه متجها إلى الجهة الخطأ لأن من سيتأثر به هم فئة الأطفال و المراهقين أخطر فئتين في المجتمعات الإنسانية؛ إذ كل ممنوع مرغوب ... و في غياب الرقابة الرشيدة سيكون هذا الممنوع المرغوب هو خبزهم اليومي الذي يزودون به من قبل أناس لا ضمائر لهم و لا أخلاق ...


جمعني منذ بضعة أيام لقاء مع أحد الأخوة من جيلنا فقال: لقد أنهيت الدراسة عام 1988 و لا زلت أحفظ القصائد التي درستها، ثم أنشد أمامي رائعة محمود سامي البارودي: "في سرنديب" التي يقول فيها:










تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ «سَمِيرَة َ» زَائرُ = وَمَا الطَّيْفُ إلاَّ مَا تُرِيهِ الْخَوَاطِرُ


طَوَى سُدْفَة َ الظَّلْمَاءِ، وَاللَّيْلُ ضَارِبٌ = بِأرواقهِ ، والنَجمُ بِالأفقِ حائرُ


فيا لكَ مِن طيفٍ ألمَّ ودونَهُ = مُحِيطٌ منَ الْبَحْرِ الْجَنُوبِيِّ زَاخِرُ


تَخطَّى إلى َّ الأرضَ وَجداً ، وما لهُ = سِوَى نَزواتِ الشَوقِ حادٍ وزاجرُ


ألمَّ ، ولم يلبَث ، وسارَ ، وليتَهُ = أَقَامَ وَلَوْ طَالَتْ عَلَيَّ الدَّيَاجِرُ


تَحمَّلَ أهوالَ الظلامِ مُخاطِراً = وعَهدى بِمَن جادَت بهِ لا تُخاطِرُ


خُمَاسِيَّة ٌ، لَمْ تَدْرِ مَا اللَّيْلُ والسُّرَى = ولم تَنحَسِر عَن صَفحتيها السَتائرُ






إلى آخر هذه الرائعة ... فوالله لقد أثار في النفس أشواقا إلى ذلك الزمان الجميل الذي التقينا فيه بأحمد شوقي و البارودي و المازني و العقاد و سعيد الأفغاني و غيرهم كثير ممن لا نزال نحفظ لهم كثيرا من إبداعاتهم ...






إنني لست ضد الرياضة؛ فهي طاقة للجسد وشفاء للأمراض بإذن الله، وفيها من المنافع الكثير، و لست ضد كل إبداع فيما لا يخالف المنهج؛ فهذا مطلوب لإعمار الأرض. و لكني ضد أن يتجه الشباب إليها إطلاقا و يتركون ما هو في صالحهم و فيه عمار مستقبلهم. و الخوف أن يأتي اليوم الذي نتمنى فيه أن يسمع شبابنا بهؤلاء الأعلام .... مجرد السماع!!!


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوادث المرور (نظرة أخرى)

إنارة العقول قبل إنارة الشوارع!

نقاط على الحروف ...