الأمريكي الذي أنقذ العالم!


ما فتئت السينما الأمريكية تقدم الفرد الأمريكي على أنه الرجل الطيب المستقيم الذي جاء لإنقاذ العالم وتخليصه من "الأشرار" الذين يحاولون السيطرة على العالم من خلال إلحاق الضرر بالولايات المتحدة! ويتضح ذلك من تجسيد صورة "بطل" في الأعمال الدرامية التي تنتجها شركات الإنتاج السينمائي الأمريكية؛ وهو ذلك الرجل الذي يدخل في مواجهات مع "الأشرار" ثم يقضي عليهم جميعا دون أن يصاب بخدش في معظم الحالات!


"جاك باور" أحد هؤلاء "الفتوة" الأمريكان الذين صنعتهم السينما الأمريكية ليكون رمزا لمواجهة الحضارة ضد الإرهاب والتخلف و الرجعية. في مسلسل تلفزيوني عرض في عدة مواسم اسمه "24 " تحكى قصص عن مجموعات من "الإرهابيين" الذين يحاولون النيل من الولايات المتحدة بعدة طرق؛ كالهجوم بالأسلحة النووية و الخطف والاغتيال وغيرها من طرق الإرهاب. وفي كل الحالات فإن "الإرهابيين" إما أن يكونوا عربا أو صينيين أو أفارقة؛ ففي الموسم قبل الأخير تم تقديم شخصية "حبيب مروان" المسلم الذي يحاول ضرب الولايات المتحدة بسلاح نووي ثم تأتي المأساة الكبرى بانتحاره في آخر حلقة!


تدور أحداث هذا المسلسل خلال يوم واحد "24 ساعة" يكون خلالها "القبضاي" جاك باور في حركة لا تهدأ ينتقل من مكان إلى آخر ملاحقا "الإرهابيين" دون أن تظهر عليه علامات التعب و دون أن يشرب حتى قليلا من الماء! ويحمل "باور" معه حقيبة صغيرة بها ذخيرة و سكين ومنظار صغير؛ و يدخل في مواجهات دامية مع "الإرهابيين" دون أن تنفد منه الذخيرة أو حتى "يعلق" مسدسه مهما حصل!


و "جاك باور" – مع هذا كله – يجيد استخدام كل فنون القتال و منها القتل بطريقة "كسر العنق" و هو ماهر في استخدام التقنية الحديثة و يلاحظ أبسط الأمور في مواقع الجرائم!


ما الذي يدفع الدراما الأمريكية إلى تقديم مثل هذه الأنواع من الأعمال؟ الجواب أنه بالإضافة إلى أن المجتمع الأمريكي مجتمع حريات مدنية؛ فإن هناك أسبابا أخرى – في رأيي - أوجزها فيما يلي:


1. هذه الأعمال مقصودة لتؤسس لفكر و اتجاهات قد تم الاتفاق عليها من قبل أصحاب النفوذ ليكون لها تأثير مستقبلي في ترسيخ مبدأ أو فكر معين.


2. استغلال هاجس القلق وأحيانا "الفوبيا" المسيطر على كثير من الأفراد في المجتمع الأمريكي و تقديم أعمال تلامس هذه الجوانب.


3. الربح المادي!


السؤال: أين أمة العرب؟! سؤال يحرج سائله لغياب هذه الأمة في كل الأحوال و لعجزها المشين عن مواكبة الأحداث الجارية. الإعلام العربي يقدم للعرب 112 قناة فضائية إباحية لتسميم الأجواء و تلويثها، و هناك قنوات لا تعمل إلا في شهر رمضان المبارك! و كل ذلك يصب في خانة "المال" الذي تستغل في سبيله كل الطرق الطيبة و الخبيثة على مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة".


الإعلام العربي فشل في تقديم الصورة الحضارية المشرقة لأمة الإسلام المبنية على أسس من قيم الإيمان و الأخلاق و التسامح، ووقف عاجزا أمام الإعلام الغربي الممنهج السائر إلى تحقيق أهداف مرسومة تؤتي ثمارها على المدى القريب و البعيد!


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوادث المرور (نظرة أخرى)

إنارة العقول قبل إنارة الشوارع!

نقاط على الحروف ...