ماذا يفعل هؤلاء؟!

شاهدت على القنوات الفضائية عشرات الآلاف من المسلمين – على اختلاف مذاهبهم – يتزاحمون للصلاة في الحرم المكي الشريف؛ فسألت نفسي: ما أثر كل هذا الحضور و هذا الزحام على حياة المجتمعات الإسلامية؟ و لماذا لا نرى أي تغيير إيجابي في مجتمعاتنا كنتيجة لهذا الحضور الغفير؟ ولماذا نملأ أرباض الحرم بأعدادنا ثم نعود كما كنا من ممارسة منتظمة للتخلف و الإصرار على عدم التغيير؟


لقد اتخذ بعضنا من الحج و العمرة عادةً يمارسها كلما وجد إلى ذلك سبيلا، وبعضهم وجد ضالة "مشاريعه التجارية" في نقل الحجاج و المعتمرين!






ومها يكن من أمر فليست العبرة بهذه الكثرة؛ فإن نسبة كبيرة منهم ما أتت إلا لأغراض أخرى غير التشرف بزيارة الأماكن المقدسة، فقد شاهدت في رحلة الحج ما كان مستغربا عندي وأنا حديث العهد بتلك الأماكن؛ شاهدت من يُدخّن وهو في لباس الإحرام! وسمعت حديث الفُحش من شيخٍ فانٍ على جبل عرفات! ورأيت أحد "الحُجّاج" و هو يطرد شابا أتى ليشاركه الطعام الوفير!






وقد كنت أسأل نفسي: هل هذه أخلاق الإسلام؟ لماذا يأتي هؤلاء إلى المشاعر المقدسة وهم يحملون سوء الطوايا؟ هل العبرة بالقدوم إلى هنا ليقال أن فلانا حج أو اعتمر؟






الأمر أكبر من ذلك أيها الإخوة! فهذا مجرد جانب بسيط من جوانب الجهل و الغفلة التي تعيش فيها الأمة؛ هذه الأمة التي لو قرأنا تاريخها في مائة عام؛ لوجدنا أن الأمراض التي كانت تعاني منها و هي ترزح تحت نير الاستعمار هي هي ما زالت تأكل في جسدها و لكن بصور مختلفة ...






"وانصرفوا و البلاء باقٍ ::: و لم يزل داؤنا العياءُ"






و لكن ما يكبر في النفس أن المريض – هنا - يرفض أن يتناول الدواء بل و يصر على أسباب تؤجج ثورة المرض بداخله و هو – بجهل منه – يمكن أن يمكّن الداء من جسده بحيث لا ينفع معه بعدها آس و لا ترياق!


هذه الأمة بأجيالها المختلفة تناولتها بالسوء مصائب التاريخ من استعمار و أفكار رجعية أو أيديولوجية أو قومية أو غيرها ولكنها ظلت واقفة في مشهد لم ولن يتكرر مع أية أمة أخرى غيرها و لم تستطع كل هذه المصائب أن تنال منها و من جوهرها الأصيل، بل إن هذه المصائب قد تلاشت بعد أن غاب مسببوها.






إننا إذ نؤمن بأن هذه الأمة محفوظة بالعناية الإلهية؛ فإن ذلك لا يعفينا من الأخذ بأسباب التقدم بالقدْر الذي يجعلنا ننفض غبار التخلف الذي يعشش على رؤوس المجتمعات الإسلامية سريعا ليعود لأمتنا مجدُها التليد الذي كان في كل جوانب حياتها يملؤها بالإيمان و الإحسان ...











المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوادث المرور (نظرة أخرى)

إنارة العقول قبل إنارة الشوارع!

نقاط على الحروف ...