فلنتصالح مع الكتاب ...!
"و خير جليس في الزمان كتاب"
المتنبي ...
كنت أشاهد برنامج "وحي القلم" على شاشة "الجزيرة الوثائقية"، و كانت الحلقة عن الكاتب البرازيلي "باولو كويلو" صاحب الرواية الشهيرة "الخيميائي" التي تجاوزت طباعتها الستين مليون نسخة حول العالم!
أحد المشاهد يظهر فيه الكاتب وهو يوقع "الأتوجرافات" للمعجبين بأدبه الذين اصطفوا في طابور طويل انتظم فيه العشرات ... المدهش في الأمر أن غالبية هؤلاء المعجبين هم من الشباب !!!
هذا هو المجتمع الغربي؛ لم يدر ظهره للكتاب و لا للقراءة التي يزداد حبها جيلا بعد جيل؛ الكل يقرأ ويطلب المعرفة منذ الطفولة الباكرة ... الطفل يقرأ و كذلك المراهق و الشاب والكهل و الشيخ الفاني .. جميعهم اتفقوا على حب الكتاب و التزامه بالقلب قبل اليد .. البيت و موقف القطار و عيادة الطبيب و صالة الانتظار وغيرها هي أماكن للقراءة، حتى المرأة التي تخضع لإصلاح شعرها عند "الكوافير" تستغل ذلك الوقت في القراءة ..!
أما إن تكلمنا عن عالمنا العربي "السعيد"؛ فحدث ولا حرج!! ولست هنا لأذكر أمورا و أحوالا القارئ الكريم أدرى بها؛ فالكل يعرف مدى الكراهية للكتاب و للقراءة ... و لكن الذي لا يعلمه احد متى ستنتهي هذه الكراهية و القطيعة للكتاب؟! الله أعلم !
بعد حكاية "كويلو" بأسبوع تقريبا، دخلت أحد الفصول فرأيت كتابا ملقى على الأرض و قد تم تقطيعه إلى شرائح وربما داس عليه بعض الطلبة، فتناولته و نفضت عنه الغبار فوجدت أنه طبعة عام 2009 ... كما أنه يحتوي على آيات من الذكر الحكيم! ... عندئذ جالت في خاطري صور كثيرة:
- خلال زيارتي لمكتبة Waterstones في بريطانيا والتي تتألف من أربعة طوابق لاحظت تخصيص طابق بأكمله لثقافة الطفل! (يمكن معرفة المزيد هنا).
- أثناء أزمة بركان آيسلندة ظهرت لقطة تناقلتها وكالات الأنباء لطفلة لا يتجاوز عمرها الست سنوات وقد افترشت أرض المطار و أمسكت بكتابها تقرأه ..!
- العديد من صور الاهتمام بالثقافة و على الأخص بالكتاب في برنامج "خواطر" للأستاذ أحمد الشقيري ...
و من المؤكد فإن كثيرا منا قد شاهد يوما ما مثل هذه الأمور وغيرها وأصبحت ثقافة عندنا أن الغرب ما تقدم علينا إلا بسبب اهتمامه بالعلوم و رفعه من شأن الكتاب؛ و لكن ما يؤسف له أننا لا نزال لا نحرك ساكنا في سبيل التغيير إلى الأفضل و الأخذ بأسباب التقدم والتي في مقدمتها "التصالح مع الكتاب" فلا تقدم و لا رفعة ما دامت القطيعة و الهجر هما ما يلقاه منا الكتاب ...
اقتباس:
"في الغرب تحرص المؤسسات العلمية المختلفة على تشجيع الفتيان و الفتيات على ولوج مجال العلم و الشغف به منذ أعمار صغيرة، فتقيم لهم مسابقات للاختراعات و الابتكارات العلمية، كما ترسخ في الذهنية العامة للشباب أن الأفضل للإنسان دائما أن يعمل في مجال يحبه، مؤكدين أن العلوم تقريبا تضم كل المجالات التي يمكن لشخص أن يشغف بها، وبالتالي فالعلوم هي المجال المثالي ".
(مجلة العربي – العدد 626 - العربي العلمي – يناير 2011) .